مجلس الأمة
نسخة للطباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على رسوله الامين ،،،

يا صاحب الجلالة

يتشرف مجلس الاعيان الاردني بأن يرفع الى مقام جلالتكم السامي شكره البالغ على تكرمكم بافتتاح الدورة العادية السادسة لمجلس الامة التاسع مقروناً باصدق مشاعر المحبة والاجلال وهو بهذه المناسبة المباركة يشيد معتزاً بموقف جلالتكم الصادق من هذه المؤسسة الديمقراطية التي هي في كل دولة التجسيد العملي لمجهودات الشعب وتطلعاته في ممارسة الحكم على احسن ما عرفته الشعوب من انظمة.

وما زال النظالم البرلماني يا صاحب الجلالة عرضه للاعاصير يحركها الطامعون بالسلطة في كثير من اقطار العالم حيث تعثر او سقط في كثير من البلدان وقد صمد هذا النظام هنا، منيعاً قوياً بفضل ايمان جلالتكم بهذا الاسلوب الرفيع من اساليب الحكم الديمقراطي.

ياصاحب الجلالة

لقد استمع مجلس الاعيان باجلال الى خطاب العرش السامي ووعى ما تضمنه من مباديء سامية رسمت صورة مشرقة ومشرفة لهذا البلد العربي الصابر وهو اذ يشارك جلالتكم المشاعر النبيلة التي تغمر قلبكم الكبير نحو الاهل في الوطن المحتل ليشيد بالروح النضالية التي سادت شعبنا الاسير الذي يتطلع اليكم بالثقة والامل كما يحيي المجلس قواتنا المسلحة الباسلة عنوان الشرف والبطولة وامل الامة في تحرير الشعب والوطن .

يا صاحب الجلالة

ان المعركة من اجل سلام عادل كانت تتعثر في كل العصور وتصطدم ببعض المتمردين على قدسية القيم الانسانية ومشاعر السلام وبرز هذا التمرد على اشرس صورة في عهدنا الحاضر حيث تمردت الصهيونية على كل مبادىء الحق والسلام واسترسلت في معارك الاغتصاب خلافاً لمصلحة شعبها نفسه، وما لم يصح ضمير العالم المتمدن ويدرك خطر هذه الغطرسة والسلبية فان السلام العادل المأمول سيظل بعيداً وستظل شعوب هذه المنطقة التي اسهمت في بناء هذه الحضارة الانسانية والتي انطلق منها رسل الديانات مبشرين بالسلام والخير ضحية لصراع مرير غير عادل ، ولقد كان رائعاً ما تفضلتم واعربتم عنه في الخطاب السامي عن موقف الاردن من قضية فلسطين حيث اقمتم هذا الموقف على حقيقة خالدة هي ان وحدة الشعبين الفلسطيني والاردني لم تكن نتيجة قرار أو وليد خطوة سياسية وانما هي حقيقة تاريخية وواقع فرضته ارادة الله لا تستطيع اية قوة ان تتجاهل تلك الحقيقة او الواقع ، فالشعب واحد اصلاً ودما ومصيراً ، ولا يصلح من يتنكر لتلك الحقيقة للتحدث عن قضية .

والمجلس قد ايد مشروع المملكة العربية المتحدة لان هذا المشروع يعمق ويرسخ وحدة الشعبين ويسد الطريق امام دعاة الفرقة الاقليمية والانتهازية وقد عرفت الدساتير الحديثة اشكالاً مختلفة لانظمة الحكم في الدولة الواحدة وهناك عشرات الدول التي اتخذت من الاسلوب المقترح للمملكة العربية المتحدة طريقة للحكم في بلادها.

يا صاحب الجلالة

لقد كان ميلاد الاتحاد الوطني ايذاناً ببدأ تجربة اجتماعية وسياسية اريد بها توعية الشعب وتجميعه على هدف واحد لخدمة هذا الوطن الغالي ، ونرجو ان تتضح لمختلف فئات الشعب ابعاد ومعالم هذه التجربة حتى لا يظل مجال لاحد ان ينحرف به عن اهدافه ولاشك ان حكمة جلالتكم وسداد رأيكم خير ضمان لذلك.

يا صاحب الجلالة

لم يكن من الممكن انجاز اي عمل تحت ظلال الفوضى وغياب القانون وكان دور قواتنا المسلحة في الجيش والامن العام العظيمة بايمانها وخلقها وشجاعتها بقيادة جلالتكم وتعاون المواطنين الافياء دوراً حاسماً في القضاء على الفوضى واستعادة سلطان القانون، واخذ الاردن ينعم بالاستقرار فدبت الحياة جياشة في المرافق العامة وجرى الدم القوي النقي في العروق ، ولا يسعنا الا ان نشير بجهود الحكومة الموقرة وما انجزته من اعمال ومشاريع واصلاحات في جميع المجالات مما يدعو الى الاعتزاز والتي تشيد بان الظروف المعقدة التي تحيط بنا لم تقوى على توقيف عجلة العمل والتقدم والتطور.

ولقد كان لوضع الخطة الثلاثية اثر كبير في انعاش الامال وتعميق الثقة بالمستقبل ويسعدنا ان نعرب في هذه المناسبة عن تقديرنا البالغ لحضرة صاحب السمو الملكي الامير حسن لما يقوم به من جهود في تحريك الاجهزة والمشاركة في كل الافكار والاعمال البنائة بقوة الشاب المؤمن ببلده المحب لبني قومه وقد حقق بذلك امل جلالتكم وهو جدير بثقتكم الغالية ، قدير على الاحاطة بجميع جوانب هذه المرحلة من تاريخ بلدنا الغالي .

يا صاحب الجلالة

لقد اوضحتم سياسة الاردن الخارجية بصدق وامانه واعربتم عن ايمانكم وايمان بلدكم بوحدة الامة العربية وبحقها في الحرية والحياة الافضل وتجاوزتم عن تجني الاخوة والاهل ومددتم اليد الطاهرة لكل العرب ودعوتم لتماسك كل الايدي وتآلف كل القلوب ، وصفاء كل النيات لتسير القافلة المؤمنه برعاية الله وهديه وتوفيقه ، ولن نربح سلماً ولن نربح حرباً بغير ذلك .

ولقد استمعنا بتفهم كامل الى شجبكم للتسويات الجزئية والصفقات الفردية في تأكيدكم الحاسم الحفاظ على كل ذره من تراب الوطن السليب وان القدس هي هي عاصمة القطر الفلسطيني وان هذا الشجب وهذا التأكيد قد اثلج الصدور ومسح كل ما حاول المبطلون اشاعته باللغو وقالة السوء فحياك الله وسدد خطاك وايدك بنصره.

لقد سرتم في اقوم طريق حيث اقمتم جسور المحبة والثقة مع الدول الاسلامية والصديقة وربحتم للاردن وللعرب اجمع اصدقاء اقوياء يناصرون قضاياهم العادلة ، وكنتم ابعد ما يكون عن السياسة الغبية التي وضعت ممارسيها في عزلة افقدتهم النصير .

ولا يزال الاردن يؤمن بالامم المتحدة وبميثاقها بالرغم من تعثرها في تحقيق اهدافها والامل ان تعود لهذه المنظمة القدرة على فرض الحق والعدالة.

يا صاحب الجلالة

ان التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية شرط لسلامة الحكم واستمراره ونجاحه ، ولقد ضمنت توجيهاتكم الحكيمة وانتم رأس هاتين السلطتين التعاون واستمراره المجلس يقابل بالتقدير والشكر موقف حكومة جلالتكم الايجابي من هذه الدعوة الخيرة وستتحقق بعون الله ورعايته وبقيادتكم الواعية المخلصة امالنا بالوحدة والتحرير والحياة الافضل .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،

28 رمضان المبارك سنة 1392 هجرية
الموافق 4 تشرين الثاني سنة 1972 ميلادية