مجلس الأمة
نسخة للطباعة

بسـم اللـــه الرحمـــن الرحيــم
خطـــــاب العـــــرش
لحضـرة صـاحب السمـو الملكـي أميـر البـلاد المعظـم
الأميــر عبـد اللـــه بن الحسـين ايـده اللــه
في حفلة افتتاح الـدورة غيرالعاديـة
المنعقدة بتاريـخ 10 حـزيـران سنــة 1931
للمجلــس التشريعي الثاني





حضـرات الاعضاء الكـرام

الحمد لله على ما أسبغ من نعمائه وافاض من آلائــه، وبعد فاني لأصرح بما خامرني من جذل وأثلج صدري من حبور، للفراغ من امر الانتخابات الجديدة في خلال ما ضرب لها من موعد وفي غضون الفترة المنصوص عليها في القانون الاساسي فتبوأ الاعضاء الكرام مقاعدهم من المجلس التشريعي الذي آمل ان يحقق ما عقدت عليه البلاد من أماني واستشرقت له من رغائب، وسمت اليه من رجاء .

لقد شهدتم ولا جرم كيف كان تهافت الشعب على الانتخابات الجديدة وكيف تنافس فيها وانصلت في مضمارها، فكان لنا في ذلك كله الجزاء الاوفى على ما اضطلعنا به من اعباء خدمة البلاد في ايجاد حقها الدستوري، وان فيه لخير ما يحفزنا الى الاستزادة منه والتوسع فيه جريا على ما تظهر الامة من همة وتقيم على جدارتها من حجة فالتبعة والحالة هذه على المجلس الموقر خطيرة وانه لمنتفع انشاء الله بما غبر من تجارب في الدورة السابقة منقطع لما فيه الفائدة المحضة للوطن غير مترخص في حق، او مسف الى منازعة، وانما يفرغ قصارى المجهود في تدبير الامور المعروضة عليه وما ثمت له من هدف غير المصلحة العامة مكبا عليها منصرفا عن غيرها اليها .

لقد تألفت حكومتنا الجديدة على اثر صدور ارادتنا السنية بحل المجلس السابق ونوهت الحكومة بخطتها المقبلة في منهاجها المعلوم الذي اذاعته في البلاد ورزق منها الاستحسان والقبول وبهذه المناسبة السعيدة اذكر المجلس السابق بالخير لما قام به من الخدمة الجليلة في تصديق الاتفاقية التي نؤمل ان تجني البلاد ثمراتها اليانعة واتوقع غير مزلزل الثقة بان تتضافر الايدي على النهوض بالامة الى المستوى اللائق بكرامتها وما تصبوا اليه من عز وطني وسؤدد قومي واني سأشد ازر القائمين بخدمتها العاملين على تأييد كلمتها فذلك ما نرمي اليه وحده وفيه نرغب، واياه نتحرى .

ومن اجمل الفأل ان تستفتح الحكومة الجديدة عهدها المأمول بالتوقيع على المعاهدة الاردنية - العراقية - وان تبرم اتفاقية البريد بين شرق الاردن وسورية وانه قد صدر الامر بمنع الغزو بين عشائر الحجاز وشرق الاردن ونجد على الصورة المعلومة وفي يوم واحد من الجانبين توطيدا للامن وتأييدا للسلم وسنحرص من جانبنا الحرص كله على انقاذ تلك الخطة المثلى استئصالا لشأفة الغارات، ومن اجلها تألفت دورية البادية وتجشمت الموازنة في سبيلها نفقات غير قليلة واني لارجو ان تستتب الراحة وتستحكم اواصر الاخاء بين القبائل فيذوق العرب في امصارهم وبواديهم نعمة الالفة والوفاق بعد علقم القطيعة والشقاق . ثم اني لاجهر ايها السادة من ذؤابة هذا المنبر بالشكر الاجزل للامة العربية خاصة وضيوفها الاماثل عامة في هذا البلد الامين وما اليه ونأى عنه من اقطار لما اعربوا عنه كافة من جميل المؤاساة وصادق العزاء في المحنة الفادحة التي انهارت لها دعائم الصبر وتقوضت اركان الجلد بانتقال صاحب الجلالة الهاشمية والدي الملك من هذه الدار الفانية الى تلك الدار الباقية فاصطفاه الله لجواره، واختاره الى رحمته، راضيا مرضيا بين ابنائه العرب الذين كانوا في شجوهم عليه وتفجعهم للرزء فيه المثل الاعلى للوفاء وعرفان الجميل والله اسأل ان يربط على قلوبهم وان يوزعنا واياهم الصبر وان يلهمنا الدأب بعد فقيدنا العظيم في اقتفاء اثاره والاهتداء في جميع الاعمال بمنارة، واحمد الله على ان صلاتنا بالحكومة البريطانية الحليفة قائمة على اساس الولاء المحكم والتعاون النزيه وان تخوم البلاد - محروسة بعنايته تعالى ويقظة الحكومة وودي العلائق بالحكومات المجاورة .

وها اني افتتح هذا المجلس التشريعي الثاني في دورته غير الاعتيادية وادعو الاعضاء الكرام فيه الى الشروع في العمل متوسلا الى الله سبحانه وتعالى ان يسدد خطانا الى ما فيه مرضاته في الرأي والقول بمنه تعالى وكرمه ومدد رسوله الاعظم صلى الله عليه وسلم .