مجلس الأمة
نسخة للطباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على نبيه الأمين

يا صاحب الجلالة

يتشرف مجلس الاعيان الاردني ، بأن يرفع لجلالتكم أعمق آيات الولاء والاخلاص ، ويسعده ان يتقدم من جلالتكم باصدق مشاعر الشكر والتقدير لتفضلكم بافتتاح الدورة السابعة لمجلس الامة الاردني التاسع .

لقد جاء خطاب العرش السامي يا صاحب الجلالة ، في اخطر مرحلة يعيشها بلدنا الغالي ، وامتنا الماجدة ، وقضيتنا المقدسة ، ومن هنا فان مجلس الاعيان الاردني الذي يشارك اسرتكم الاردنية الواحدة في الضفتين ، ايمانها الذي لا يتزعزع ولا يتبدل او يتحول بقيادتكم الهاشمية الباسلة ، يرى ان من واجبه ان يعيد التركيز على قناعتين اساسيتين انطوت عليهما مسيرتنا المباركة على طول الطريق التي اجتازتها حتى اليوم :

  1. الايمان المطلق بالوحدة العربية هدفاً مشروعاً لامتنا على تنائي ديارها وترامي اقطارها ، واملاً قومياً ، يحمله الضمير العربي في رحلته الممتدة عبر الحقب المتعاقبة عن تاريخ امتنا الحديث ، ولئن كان هذا الايمان ركيزة اساسية من ركائز الرسالة القومية التي تحملون جلالتكم لواءها ، فلقد كان ايضاً الحافز الحقيقي ، وراء الوحدة المقدسة ، التي قامت بين ضفتي المملكة عام 1950.
    نقول هذا ومنا الفلسطيني الذي ناضل لخدمة قضيته الغالية في سائر مراحلها واطوارها ، والاردني الذي يمتد كفاحه لخدمة تلك القضية الى ما قبل قيام تلك الوحدة ، بسنين وسنين ، ولكننا – اردنيين وفلسطينيين – نقوله اليوم ، ونحن نؤمن به اكثر من اي يوم مضى . فوحدة شعبينا – دماً ومصلحة ومصيراً – هي من القداسة بحيث لا يجوز التشكيك فيها من اية جهة ، كما لا يجوز البحث فيها الا من قبل اصحابها الشرعيين . ان اية محاولة لاعادة النظر في صيغة هذه الوحدة ، او اطارها العام ، هي اولاً ، وقبل كل شيء ، من حق اصحابها ، وهم في هذه الحالة المواطنون في كل من ضفتي المملكة سواء بسواء.
  2. ان الكفاح من اجل الظفر بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني كان دوماً ، وينبغي ان يظل في مواجهة اسرائيل . ولقد ناضل الاردن بقيادة جلالتكم الى جانب ابناء هذا الشعب والامة العربية جمعاء من اجل ان يظفر الشعب الفلسطيني بتلك الحقوق ويصل اليها . وعندما يتحقق ذلك بعون الله ويتم تحرير الارض والانسان من ربقة الاحتلال ، يمكن للانسان الفلسطيني ان يختار لمستقبله ما يريد ، وان يتخذ قراره بعيداً عن اي تسلط او ضغط او اكراه .

يا صاحب الجلالة

لقد كان في طليعة المكاسب الكبرى لحرب رمضان ، التي خاضتها ببسالة الشقيقتان مصر وسوريا ، تلك الوحدة الرائعة التي تجلت في الموقف العربي على الصعيدين العسكري والاقتصادي على حد سواء ، فامتزج الدم العربي بالدم العربي ، على رمال سيناء وهضاب الجولان وقدم الاشقاء في الدول المنتجة للنفط ، نفط بلادهم ، سلاحاً فعالاً في المعركة من اجل كسب المزيد من الدعم والتأييد لحقنا المهدور ، ولئن كانت تلك الوحدة على هذين الصعيدين ، تستحق منا كل اكبار واعتزاز ، فان الاخطار التي تتعاور الاشواط المقبلة من معركة التحرير ، تحتم تجسيد تلك الوحدة على صعيدها الرئيسي الثالث : وهو الصعيد السياسي ، وان مجلس الاعيان ، ليرى ان الضمانه الكبرى في مواجهة تلك الاخطار، تكمن في وحدة العمل والموقف السياسين لدول المواجهه الثلاث ، في مباحثات السلام المرتقبة ، ثم في وحدة الموقف العربي لسائر دول المساندة من وراءها حتى يتم تحرير الارض واسترداد الحق وانقاذ الكرامة ، وفي سائر الحالات ينبغي ان يظل الفهم الوحيد لقرار مجلس الامن رقم (242) تحقيق انسحاب اسرائيل من جميع الاراضي العربية التي احتلتها منذ الخامس من حزيران 1967 ، والقدس في طليعتها ، وتأمين الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني .

يا صاحب الجلالة

لقد كانت عودة العلاقات الطبيعية بين الاردن وعدد من الدول الشقيقة خطوة مباركة على طريق وحدة الموقف العربي ، في مواجهة التحديات والاخطار وكان استئناف حكومة الكويت الشقيقة ، دعمها المالي للاردن ، اسهاماً في تقوية صمود هذا البلد العربي الاصيل ، وهو صمود اسهمت في تقويته منذ البداية مواقف المملكة العربية السعودية والدول الشقيقة الاخرى، وهو ما نقابله جميعاً بالشكر والتقدير .

يا صاحب الجلالة

ان قواتنا الاردنية المسلحة ، كانت وستبقى دوماً موضع الاعتزاز والفخار من كل مواطن في شعبنا الامين ، ولقد جاء اشتراكها في حرب رمضان سواء بالمرابطة على التخوم والثغور ، او بخوض غمار القتال فوق ثرى سوريا الشقيقة تعبيراً عن الدور التاريخي الذي اعددتموها له : دفاعاً عن حياض الاردن ، ودوراً عن ارض العروبة في الوطن الكبير ، ولان قواتنا الباسلة التي نذرتم جلالتكم جهدكم ووقتكم في سبيل تنشئتها واعدادها ستظل ابداً حامية الحمى ، ودرع الوطن ، فأن مجلس الاعيان يرى ان تستمر الحكومة في جهودها ، حتى نؤمن لقواتنا – عدداً وعدة – اقصى حد مستطاع من القوة والاقتدار .

يا صاحب الجلالة

ولما كانت خطة التنمية الثلاثية ، هي الاطار الذي يحكم مسيرة البناء والتقدم في بلدنا الناهض ، فان مجلس الاعيان ليهيب بالحكومة ان تمضي قدماً في تنفيذ المشاريع القائمة ، في ضوء الامكانات المتاحة لا سيما ونحن نقترب من بداية السنة الثانية لسنوات الخطة الثلاث ، وفي هذا المجال بالذات ، يسعد مجلس الاعيان ان يشيد بالدور الكبير ، الذي كان لصاحب السمو الملكي الامير حسن ولي عهدكم الامين ، في وضع تلك الخطة ، وقيادة آلة تنفيذها ، وفيما قام به سموه من جهود واتصالات ، لتأمين تنفيذ العديد من المشاريع الانمائية .

ان المواطن يا صاحب الجلالة ، هو عماد الوطن وركيزة التقدم الاولى ، ولقد حملتم جلالتكم هموم مواطنيكم طول عمركم ، ونذرتم حياتكم في سبيل خيرهم واسعادهم ، ومن هنا ، فان مجلس الاعيان ليدعو الحكومة الى مزيد من الجهد والعناية لتأمين حاجات المواطن الاساسية ، بعيداً عن تحكم المحتكرين وجشع المستغلين.

يا صاحب الجلالة

ان اعباء المرحلة الحاضرة والاخطار التي تداهمها تدعونا الى المزيد من حشد قوانا على الصعيد الداخلي تنظيماً لمواقفنا السياسية وتعميقاً لقناعاتنا المشتركة وترسيخاً لوحدتنا الوطنية .

وان مجلس الاعيان الاردني ، ليدعو جميع ابناء الاسرة الاردنية الواحدة في الضفتين ، افراداً وجماعات ، ان يكونوا مستعدين لمواجهة مستلزمات ذلك من الجهد والعمل والعطاء.

يا صاحب الجلالة

ان التعاون بين السلطتين : التشريعية والتنفيذية اساس لسلامة الحكم الديمقراطي والدستوري ، في بلدنا الغالي ، والشورى هي منطلق ذلك التعاون وركيزته الكبرى بمقتضى احكام الدستور ، وان مجلس الاعيان ، اذ يدعو الحكومة الى مزيد من الممارسة على هذا الصعيد حتى يترسخ مفهوم الحكم الدستوري وتتحقق المشاركة بين السلطتين لمصلحة الوطن في ظل قيادتكم الراسخة والحكيمة ، ليبتهل الى الله العلي القدير ان يحفظ جلالتكم ويسدد خطاكم ويأخذ بيدكم دوماً، لتحقيق اماني شعبكم ، واهداف امتكم انه سميع مجيب الدعاء.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،