مجلس الأمة
نسخة للطباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على نبيه الأمين

يا صاحب الجلالة

ان مجلس الاعيان بعد ان يؤكد لجلالتكم آيات ولائه ومشاعر اخلاصه يرفع الى سدتكم جوابه على خطاب العرش السامي الذي تفضلتم بالقائه في افتتاح الدورة العادية الثالثة لمجلس الامة الاردني التاسع.

واذا كانت التقاليد الدستورية تقضي بان تعرض الحكومة في الخطاب منجزاتها وما هي في سبيل انجازه في جميع الميادين العمرانية ليكون المجلس على بينة من سير شؤون الدولة فيبدي رأيه مؤديا بذلك واجبه البرلماني. فانها آثرت ان يقتصر الخطاب على الناحية السياسية واجمال الموقف الاردني من العدوان الآثم على الوطن العربي واحتلال مقدساته واجزاء غالية من ارضه.

فان المجلس يشارك جلالتكم تمجيد شهدائنا الابرار والترحم عليهم وازجاء التحية الى اهلنا الصامدين الصابرين وراء النهر المقدس والتعاهد على العمل لاجلاء الدخيل مهما عتا وتجبر ومهما طال المسير.

نعم يا صاحب الجلالة، ان عاما "ثالثاً" على وشك ان ينتصف والاحتلال الاسرائيلي ما زال مستمراً على ان الخطب لم يكن في قيام هذا الاحتلال فحسب، ولكن العدو راح يعمل كأنه يقيم ابداً فيزيل الكثير من معالم البلاد ويدمر البيوت وينشىء المستعمرات ويبني المعاقل، ويفرض ما شاء له ظلمه من انظمة وقوانين ضارباً عرض الحائط بالقوانين الدولية مستهينا بمقررات الامم المتحدة مستخفاً بمجلس الامن مقترفا في معاملة الاهلين ابشع ما رواه تاريخ الوحشية من فظائع الامر الذي يجعلنا نشارك جلالتكم القول بان رفع الاحتلال قد تأخر كثيراً وان التقاعس في تجسيد الارادة العربية قدرة موحدة وقوة مشتركة هو في طليعة الاسباب التي مكنت لهذا العدوان من الاستمرار حتى اليوم.

يا صاحب الجلالة

انه مما يبعث الارتياح في نفوسنا علمنا انه قد تحقق لنا في مضمار اعادة بناء قواتنا المسلحة وتنظيمها اجتياز اشواط بالغة واننا لنلمس هذا فيما تبديه قواتنا المسلحة من ضروب الشجاعة والبطولة في مجابهة الاعتداءات التي يقوم بها العدو صباح مساء، واننا لنكبر هذه البطولة التي لا تذود عن حمى الاردن وحده وانما تدافع بها عن شرف العروبة وكرامة المسلمين.

يا صاحب الجلالة

ان مجلس الاعيان يغتبط بما تم من لقاء دول المواجهة في جو اخوي وما رافقه من تنسيق التكامل الدفاعي لدول المواجهة في وقفتها اما العدو الواحد المشترك.

واذا كانت كارثة الاحتلال قد بلغت الغاية في فظاعتها يوم صك سمع كل عربي ومسلم ومزق فؤاده احراق المسجد الاقصى فان عزائنا كان حين هبت الدول الاسلامية تستجيب للصارخة التي اطلقتموها جلالتكم فتعقد ذلك المؤتمر الاسلامي الذي نعده فتحا مبينا ما دام يهدف لا الى شجب حرق الاقصى والتعهد بتحريره فحسب ولكن الى دعم الكفاح العربي من اجل استرداد الحقوق السليبة وتحرير الوطن المغتصب.

والمجلس يرجو استئناف المساعي وديمومتها لتكون كلمة العالم الاسلامي مؤثرة فعالة تسهم جدياً في مقاطعة العدو وتحرير المقدسات من احتلاله البغيض.

يا صاحب الجلالة

يؤكد خطاب العرش ان أي تقدم ملموس لم يتحقق في الموقف السياسي على الرغم من ذهاب الحكومة في الطريق السياسي بالتعاون مع الاشقاء الى ابعد حد مستطاع وبين عجز الامم المتحدة عن تنفيذ مقرراتها وان الدول الكبرى لم تتدارك الازمة بالمسؤولية الجدية لرفع العدوان وان اسرائيل بمثل ما تعتمد على تفوقها العسكري تعتمد على مساندة الولايات المتحدة الامريكية في تأييدها لها ماديا وعسكريا وسياسياً هذه المساندة التي يستنكرها المجلس ويحمل من اجلها الولايات المتحدة الامريكية مسؤولية تدهور الوضع في الشرق الاوسط فهي ترى ان اسرائيل التي ولدت وربيت في احضانها لا تكتفي باحتلال البلاد بل انها تدمر معالمها العربية وتزرع فيها مستعمراتها وتتحدى المنظمة الدولية في شراسة فلا تردعها ولا تحملها على رعاية مقرارات تلك المنظمة الدولية بل تمدها بالسلاح والمال مما ينذر هذه البقعة من العالم بالويل والدمار.

ان ذلك كله يحتم على العرب، كما جاء في خطاب العرش السامي الا يكون واقعهم ادنى من مستوى المعركة ، والا تتعرض الاوضاع الداخلية للتفكك ، وان تكون الجبهة الداخلية متماسكة متراصة، والحيلولة دون نقل المعركة من خط المواجهة الى داخل الصفوف.

علماً بان سلامة الجبهة الداخلية تقوم على استقامة مطلقة ونزاهة تامة وسير وحرص على مصلحة الدولة وتغليب للعدل والحق في كل مجال.

يا صاحب الجلالة

ان المجلس يؤيد ما جاء في خطاب العرش عن الجبهة العربية وضرورة تلاقي الاشقاء والا بديل عن العمل العربي الموحد حتى تحمي الحق العربي سواعد العرب وثروة العرب ودماء العرب في كل مكان.

ولقد تلقى المجلس بمزيد من الحمد ما جاء في الخطاب عن الكفاح المسلح والمقاومة المشروعة وكونهما كفاحاً مقدسا خالصا لله والوطن ومقاومة باسلة قائمة على الشرف والفداء. وهو يشترك في الرجاء الاكيد ان يحرص الكفاح على اجتناب ما يمس روعته او يؤذي قدسيته.

ان مجلس الاعيان يستجيب استجابة صميمية لدعوة جلالتكم الحارة الى مزيد من العمل في اطار محكم من التعاون الصادق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، ويقف وقفة الاكبار اما العهد القاطع لشعبكم على ضفتي النهر المقدس ان تعيشوا له وفي سبيله ويمحضكم الولاء ويبادلكم العهد على العمل بقيادتكم الشجاعة حتى يجيء نصر الله والفتح، مولاي.