مجلس الأمة
نسخة للطباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على نبيه العربي الكريم

يا صاحب الجلالة

يشرف مجلس الأعيان أن يتقدم من جلالتكم بأصدق آيات الولاء والإخلاص، ويسعده ان تكون مناسبات افتتاح مجلس الأمة زاخرة، دائماً وأبدا، بأجمل بشائر الخير وأماني المجد ، تزفونها إلى أبناء أسرتكم لتذكي في نفوسهم حماس السعي المتواصل ، ومضاعفة الجهد البناء من اجل نهضة الاردن ورفعة العرب أجمعين.

واننا يا صاحب الجلالة ، اذ نرفع جزيل الشكر والامتنان على تلطفكم بافتتاح الدورة غير العادية لمجلس الأمة الثامن ، لنسجل بمزيد الفخر والاعتزاز تلك المعاني القيمة التي عبر عنها خطاب العرش السامي لترددها السنة العاملين المخلصين بعزم ، وإيمان فتكون في ضمائرهم مبادىء قويمة ، وتحت ابصارهم مناهج سليمة يهتدون بتوجيهاتهم ، ونيل مقاصدها ، ويستلهمونها لتحقيق أماني العرب في الحرية والوحدة والحياة المزدهرة .

يا صاحب الجلالة

ان مجلس الأعيان إذ يفخر، مع جلالتكم ، بأن الأردن كان وما زال القاعدة القوية الراسخة لاستئناف انطلاقة الثورة العربية الكبرى نحو أهداف امتنا المجيدة ، ليسجل بإجلال ووفاء التضحيات الغالية التي بذلها بيتكم الكريم في سبيل هذه الأهداف ، مشيداً بدور العناصر الوطنية الواعية التي تحملت معكم عبء الكفاح من اجل الظفر بالحرية والاستقلال وتحقيق أماني الوحدة المنشودة ملتفاً حول عرشكم السامي في المسيرة الطويلة نحو بلوغ هذه الاماني العزيزة التي يعد الأردن أبناءه ، بقيادتكم الحكيمة ، إعدادا صالحا لحمل مسؤلياتها الخطيرة وتضحياتها الجسام .

ومجلس الأعيان، اذ يحمد الله العلي القدير على نعمة التقاء الشعب العربي في ضفتي الأردن الخالد في العمل جنباً إلى جنب في ظل الوحدة المتماسكة ومن اجل رسالة الأمة العربية، لتملأ جوانح أبنائه الغبطة والسرور بان يكون هذا اللقاء القومي كسباً رائعاً من مكاسب الثورة العربية الكبرى التي قادها جدكم العظيم، الحسين بن علي، طيب الله ثراه، كما يفخر بان انصهار هذا اللقاء الأخوي الكريم في وحدة زاهرة منيعة انما كان بتفهم الجميع لحقيقة الرسالة السامية التي يحيا لها الأردن ، ملكاً وحكومة وشعباً ، في اطار من الالفية المستديمة والثقة المتبادلة والجهود البناءة المستمرة لخير العرب والمسلمين.

وتطيب لنا، يا صاحب الجلالة، الإشادة بأن تمسك الأردن بأسباب الحياة الديمقراطية الصحيحة وسمو مفاهيمها والسعي الحثيث في تطويرها الى المستوى الأكمل هو الذي جنبه ويجنبه الانحراف عن نهج الحرية ، وتمجيد قيمها ، مهما كانت الصعاب التي اعترضت سبيل امنه واستقراره ، واضعاً نصب عينيه حرصه التام على تدعيم تلك القيم الروحية والمفاهيم الخيرة.

وإذا كانت الحكومات المتعاقبة قد عملت ما بوسعها لنهضة هذا البلد ورفع مستوى أبنائه وحياته وفي سبيل أماني الأمة العربية على ضوء الحقائق الناصعة التي اشار اليها خطاب العرش السامي فان المخطط الشامل الذي تضمنه في منهاج السياسة الداخلية، للمرحلة الجديدة من مراحل تطور أردننا الحبيب سيكون دستور عمل كل مسئول يشعر بمسؤولياته الوطنية وبرنامج كل مواطن وفيّ لوطنه وواجباته القومية ، وفي تنفيذه نجاح باهر ، لا للاردن فحسب بل للأمة العربية بأسرها ، وإننا لنسجل اغتباطنا بتصميم الحكومة على صون الحريات الايجابية ، والحفاظ على المؤسسات الديمقراطية ، في حدود السلامة العامة ، والسير القومي الصحيح ، فخورين بالمستوى العلمي والثقافي الذي حققه بلدنا خلال السنوات الماضية وبالعزم الاكيد على السير قدماً بهذا المستوى الرفيع حتى يبلغ اشده وغاياته النبيله لتكوين المواطن الصالح.

ويسعد مجلس الاعيان ان تكون الطمأنينة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية في طليعة ما تعني به الحكومة ، منتظرين ان يكون لتحسين مصادر المياه والتنقيب عن المعادن والبترول النصيب الأوفى من جهودها المبذولة ، مع توفير اكرم سبل العيش وفرص العمل للفئات العاملة الكادحة من ابناء شعبنا الكريم الذين تنمو بفضل سواعدهم وعلى أكتافهم ، اقتصادياتنا ويزدهر عمراننا والذين ينتظرون منا جميعاً كل عون ويستحقون كل رعاية وعناية وتعضيد.

يا صاحب الجلالة

ان قوات جيشنا الباسل جديرة بكل تقدير وإعجاب . وإننا لنعتز بما قد احرزته من سمعه دولية ممتازة ، ونأمل ان يكون لها في نفوس اشقائنا ، في دنيا العرب والإسلام ، مثل هذا التقدير والاهتمام للدور البارز الذي تقوم به دفاعاً عن مقدساتنا وامجادنا فيسهموا بما تفرضه عليهم واجباتهم الاخوية ومسؤولياتهم القومية تجاه هذا الجيش الصابر المرابط وهذا البلد العربي المناضل.

يا صاحب الجلالة

إننا ، مع جلالتكم ، بان الأردن منذور كله من اجل استرداد الحق العربي المغتصب في فلسطين ، راجين ان يقدر الأشقاء ما كنتم جلالتكم قد نبهتم الأفكار اليه عن نوايا الصهيونية في التوسع والانتشار ومخططات الاستعمار ، مؤكدين الدعوة الى وحدة الصفوف وتنسيق الجهود لصد العدوان واستعاده الحق السليب في الوطن السليب ، وتلك هي اشرف واكرم رسالة تبلغونها جلالتكم الى بني قومكم العرب كافة ليتدبروا امرهم ويعدوا لهم ما استطاعوا من قوة ، فليس بالفرقة والخصومات والانقسام تسترد الحقوق المغتصبه بل بوحدة الصفوف والرأي الصائب والكفاح المتواصل الدائب تنال امتنا امانيها المرجوة في التحرر والوحدة والحياة الكريمة .

يا صاحب الجلالة ،

ان الاردن اذ يقف الى جانب حق تقرير مصيرها ، وضد الطغيان والعدوان من أي مصدر كان ، واذ يقيم علاقاته الدولية على اسس المساواة والاحترام المتبادل ، ليعبر في ذلك اصدق تعبير عن رغبات شعبكم الوفي في ارساء قواعد هذه العلاقات على الاسس المذكورة ، مؤمنين بما اعلنتموه جلالتكم من ان صديق امتنا صديق لنا ، وعدوها عدو لنا ، لا نترخص في مبدأ سليم ولا نتهاون في حق.

يا صاحب الجلالة

أن مجلس الأعيان ليشارك جلالتكم في ان تأمين الانسجام التام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وقيام تعاون وثيق بينهما ، إنما هو الطريق الصحيح الذي يكفل الاستقرار لبلدنا العزيز وسعادة أبنائه ، متوسلين إليه تعالى أن يحفظ جلالتكم باليمن ودوام التوفيق ، وان يسدد خطاكم في سعيكم المشكور لبناء هذا الوطن وخدمة هذه الأمة ، مولانا المعظم.

15 ربيع الأول سنة 1383 هجرية
الموافق 15 آب سنة 1963 ميلادية .